منذ القديم، وإلى الآن توجد بعض المشكلات التي تشكل قنابل موقوتة في حياة المتزوجين، قد يؤدي انفجارها إلى الطلاق في أي لحظة، ربما دون أن تعطي مؤشرات سابقة لها، فالعديد من الخلافات التي لا يتوصل الطرفان فيها إلى حل، تبقى في القلب، وتشكل ضغطاً متوالياً، وفجأة يحدث الانفجار وتنتهي الأمور إلى الطلاق.
السنة الأولى:
السنة الأولى من الزواج بالنسبة للزوجين أهم محطة في حياتهما، والزوجة الناجحة هي التي تحرص على أن تسيَر سفينة الزواج بنجاح في هذه الفترة .
الزوجة الجديدة تعودت على أمور كثيرة قبل الزواج كقيام غيرها بإعداد الطعام وترتيب البيت وغسل الثبات واختيار ما يحتاجه البيت من حاجات، وكذلك اقتصار احتكاكها على بنات جنسها، دون معرفة جيدة بطبائع الجنس الآخر، وربما تعودها على الصرف بلا مبالاة والاتصال المستمر بالأهل والصديقات، والخروج للحفلات والسوق وغيرها من الأمور التي تتغير فجأة بعد الزواج، وعليها أن تعيد ترتيب أوراق حياتها من جديد، فما يصلح لمرحلة العزوبية لا يصلح لمرحلة الزواج.
الإهمال:
يقول الأستاذ عبد الله الجعيثن في كتابه "الإهمال" إن إهمال الرجل أكثر، ولكن إهمال المرأة أخطر، والسبب في خطورته فداحة النتائج المترتبة عليه، فالرجل قد أباح له الله عز وجل أن يتزوج أربع، وهو كثيراً ما يلجأ إلى الزواج الثاني حين يحظى بالإهمال من زوجته الأولى، لأنه يحس في قرارة نفسه أنها تهمله لأنها تحتكره، والاحتكار في كل مجال يدعو إلى الإهمال، لهذا فالرجل كثيراً ما يدخل على امرأته منافسة لها، حتى يكسر احتكارها، ويجعلها تتنافس مع الزوجة الثانية في الاهتمام به.
وإذا كان الأستاذ الجعيثن قد أشار إلى " الزواج بثانية" كحل للرجال الذين يعانون من الإهمال، فإنه يكفي معرفة أن تعدد الزوجات يشكل السبب الرئيس في 55 في المائة من حالات الطلاق في السعودية وفق الدراسة التي نشرتها وزارة التخطيط عام 2004م ولعل مشكلة الإهمال من أكبر المشاكل الزوجية، خاصة وأنه يندرج تحتها العديد من المشاكل الأخرى: كإهمال المنزل، وتربية الأولاد، وإهمال نفسها وقديما روى الزبير بن بكار قال: زوج أسماء بن خارجة الفزازي ابنته هنداً من الحجاج بن يوسف: فقال: لها ناصحاً: يا بنية إن الأمهات يؤدبن البنات، وإن أمك هلكت وأنت صغيرة فعليك بأطيب الطيب الماء وأحسن الحسن الكحل.
الثرثارة:
يقول الشيخ البلالي، في كتابه "زواج من غير متاعب" كل الصفات تهون أمام صفة طول اللسان" فلا أظن أن صفة تؤذي الزوج مثلها، وكل الصفات يستطيع تحملها إلا طول اللسان، إذ يشعر الزوج فيها بالإهانة لرجولته ومكانته في الأسرة، خاصة إذا كان من النوع المسالم الذي لم يسيء إليها بشيء.
ويضيف "في مجتمعنا الكثير من النساء لهن طبيعة "إسمنتية يتقن العناية بالأطفال والطبخ وتدبير المنزل، ولكنهن يفشلن في انتقاء الألفاظ الغزلية لأزواجهن التي تعمق هذه العلاقة وتزيدها متانة وقوة وجمالاً.
التواصل:
رغم أن التواصل يعتبر أهم المهارات التي تحافظ على علاقات الحب والترابط الفكري والنفسي بين الزوجين، إلا أنه في الحقيقة نادراً ما يتواصل الزوجان فيما بينهما، ليبدوا كما لو أنهما يتحدثان إلى نفسيهما طوال الوقت، خاصة وأن المستمعة الجيدة من النساء نادرة، فالمرأة تحب أن تتكلم أكثر مما تسمع، والرجل الذي لا يجد من زوجته جليساً مريحاً ومستمعاً جيداً قد يبحث عن هذا التواصل خارج المنزل، وقد يجد ذلك في أن يتزوج بامرأة أخرى، تكون له خير جليس، وتبادله الحديث.
وفي ذلك يقول يوسف أسعد، صاحب كتاب "الزوجة الناجحة" حين ينقطع التواصل ويحدث الجفاء يصبح التنافر حول أتفه الأمور دليلاً على المشاكل، وحين تغيب المودة والألفة يبدأ كل شخص باتهام الآخر بأنه لا يفهمه. بينما في المقابل نجد أزواجاً متحابين ومصممين على الحياة المشتركة وهم في غاية التفاهم والتواصل حتى في أصعب الظروف التي تواجههم.
تدخل الأمهات في حياة بناتهن:
تدخل الأمهات في الحياة الزوجية لبناتهن وأبنائهن يسبب كثيراً من الارتباك لهم، وربما أدى إلى الطلاق.. إن تعلق الكثير من الأمهات ببناتهن يجعل من الصعب عليهن مفارقتهن، وأمام هذا التعلق تظهر صفة سلبية في البنات، وهي عدم عزمهن على العيش المنفرد، بعيداً عن الأمهات، وتبدأ الزوجة من الليلة الأولى الاتصال بأمها "ماذا أفعل عند كذا وكذا؟ ثم بعد ذلك "لقد قال لي كذا، وأراد مني كذا، فماذا أرد عليه فتجيبها.. وتستمر العلاقة بين الأم وابنتها الزوجة على هذا المنوال، فتطلع الأم على كل صغيرة وكبيرة في المنزل، وتصبح هي المتحكمة في مصير الأسرة.
وحسب دراسة أعدت في الكويت ونشرتها وزارة العدل حول أكثر الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق تبين أن من بين أكثر الأسباب في ذلك "تدخل أهل الزوجة" والذي شكل سببا ًلـ 29 في المائة من حالات الطلاق في الدراسة.
المقارنة:
كثيراً ما تتلفظ النساء بجملة "يا ليت عندي ما عندك "عندما تسمع من بعض النسوة حديثهن وهن يتكلمن عن أزواجهن، في الإنفاق والمعاشرة أو العلاقة بالأبناء أو حب السفر أو غير ذلك، ناسيات أن الزوج إذا سر زوجته بأمر ضرها بآخر، وأن الكمال لله وحده عز وجل، وهو ما أشار إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالقول: لا يفرك مؤمن مؤمنة ـ أي لا يمقت ولا يسخط ـ إن ساءه منها خلق سره آخر.
وإن حدثت المقارنة، تبدأ الحسرة والسخط على الحظ الأعوج الذي أوقعها في أسر هذا الزوج حسبما تظن، ويدخل الشيطان لينسيها جميع محاسنه ولا يجعلها تتذكر سوى ذلك النقص أو العيب، ومن هنا تبدأ بإسماع زوجها "انظر إلى فلان ماذا يفعل لزوجته" وتنطلق بوادر الحرب التي ربما تنتهي بأبغض الحلال إلى الله